الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        فرع:

        انفراد الذكور بالوصية في قول الموصي: أوصيت لبني فلان.

        صورة المسألة: إذا قال الموصي: أوصيت لبني فلان، فهل ينفرد الذكور بالوصية دون الإناث مطلقا، أو يفرق بين ما إذا كان الموصى إليهم قبيلة كبيرة، أو أسرة صغيرة ؟

        [ ص: 238 ] إذا قال الموصي: أوصيت لبني فلان، فله حالتان:

        الحالة الأولى: أن يكون بنو فلان الموصى إليهم قبيلة.

        وقد اختلف الفقهاء في هذه الحالة على قولين:

        القول الأول: أن الذكور لا ينفردون بالوصية، بل تشمل الذكور والإناث.

        وإلى هذا ذهب الحنفية ، والمالكية، وهو أصح الوجهين للشافعية، وبه قال الحنابلة.

        وحجته:

        1 - أنه إذا أوصى لبني هاشم - مثلا - دخل فيه الذكر والأنثى; لأن ذلك اسم لقبيلة ذكرها وأنثاها ، قال تعالى: يا بني إسرائيل ، وقال: ولقد كرمنا بني آدم ، وقال: يا بني آدم ، يريد الجميع سواء كانوا ذكورا أو إناثا.

        2 - أن للمرأة أن تقول: أنا من بني فلان، ويفهم من قولها ما يفهم من قول الرجل: أنا من بني فلان، فدل ذلك على عدم انفراد الذكور بها.

        3 - قال الكاساني: «ويدخل فيه الذكور والإناث; لأن الإضافة إلى أب القبيلة إضافة النسبة، كالإضافة إلى القبيلة ألا ترى أنه يصح أن يقال: هذه المرأة من بني تميم، كما يصح أن يقال: هذا الرجل من بني تميم، فيدخل [ ص: 239 ] فيه كل من ينتسب إلى فلان ذكرا كان أو أنثى، غنيا كان أو فقيرا; لأنه ليس في اللفظ ما ينبئ عن الحاجة، وصار كما لو أوصى لقبيلة فلان » .

        القول الثاني: أن الذكور ينفردون بالوصية، فلا تشمل الإناث.

        وهو وجه آخر للشافعية.

        وحجته: أن قول الموصي: أوصيت لبني فلان، إذا نظرنا في لفظ « بنين » لاحظنا أنه من الجموع الملحقة بجمع المذكر السالم، ومفرده « ابن » فلا تدخل في جمعه الإناث وفق لسان العرب.

        ونوقش: بأن عدم دخول الإناث في لفظ البنين إن أريد به عدم دخولهن مطلقا، فلا يسلم به، وإن أريد عدم دخولهن في أصل الوضع اللغوي يسلم به، لكنهن داخلات بالتبع والتغلب.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - القول الأول; لقوة دليله ، ومناقشة القول الثاني.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية