الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 495 ] المبحث الثامن

        المبطل الثامن: وصف الوصية بالحرمة

        اختلف الفقهاء إذا وصف الموصي الوصية بالحرمة، هل هو رجوع عنها؟ على قولين:

        القول الأول: أن وصف الوصية بالحرمة رجوع عنها.

        قال به الشافعي، والحنابلة .

        قال الهيثمي في تحفة المحتاج: « له الرجوع عن الوصية ) إجماعا ، وكالهبة قبل القبض، بل أولى... ويحصل الرجوع (بقوله: نقضت الوصية ، أو أبطلتها، أو رجعت فيها ، أو فسختها ) ، أو رددتها، أو أزلتها ، أو رفعتها، وكلها صرائح، كهو حرام على الموصى له » .

        وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: « (وإن) فعل موص ما يقتضي عدوله عن الوصية، بأن (باع ما أوصى به أو وهبه ) ، فرجوع... (أو حرمه عليه) أي: الموصى له به، كما لو وصى لزيد بشيء ثم قال: هو حرام عليه ، فرجوع » .

        القول الثاني: أن وصف الوصية بالحرمة ليس رجوعا عنها.

        [ ص: 496 ] قال به الحنفية .

        قال الكاساني في بدائع الصنائع: « ولو قال: كل وصية أوصيت بها لفلان فهي حرام، أو هي ربا، لا يكون رجوعا; لأن الحرمة لا تنافي الوصية، فلم يكن دليل الرجوع » .

        الأدلة:

        دليل القول الأول:

        1 - أن الوصية عقد جائز، ومن حق الوصي الرجوع عنها، وفي تحريمها على الموصى له دليل على رجوعه عنها، كتحريمه طعامه على غيره بعد إباحته له.

        2 - أنه لا يجوز أن يكون الموصى به الذي وصفه بالحرمة وصية له، وهو محرم عليه.

        دليل القول الثاني: أن الحرمة لا تنافي الوصية، بل هو يستدعي بقاء الأصل، فلم يكن دليل الرجوع.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - أن وصف الوصية بالحرمة ليس رجوعا عنها ; وذلك لجريان العرف بأن من قال ذلك أنه يريد إبطال الوصية، وعدم إمضائها.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية