الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 359 ] المسألة الثالثة: أن يضيق الثلث عن الواجبات، وقد أوصى بإخراجها منه.

        فإن أجاز الورثة ما زاد عن الثلث، فتنفذ جميع الوصايا بالاتفاق.

        فإن لم يجز الورثة عن الثلث، فتحته قسمان:

        القسم الأول: أن ينص الموصي في وصيته على تقديم بعض الواجبات على بعض.

        فيقدم على ما نص على تقديمه اتباعا لوصيته بالاتفاق.

        القسم الثاني: أن لا ينص في تقديم بعض الواجبات على بعض.

        إذا لم ينص وضاق الثلث، للعلماء في ذلك قولان:

        القول الأول: أنه إذا ضاق الثلث عن الوصايا تمم من رأس المال.

        وهو قول الشافعية ، والحنابلة .

        القول الثاني: إذا ضاق الثلث عن الوصايا لم يتمم من رأس المال.

        وهو قول الحنفية ، والمالكية .

        [ ص: 360 ] فعند الحنفية فلا يخلو الأمر عندهم: إما أن تكون متحدة في رتبة واحدة، كأن تكون كلها فرائض، أو كلها واجبات، أو كلها مندوبات، فيقدم منها ما بدأ به الميت في كلامه ; لأن البداية دليل اهتمامه.

        فإن كان بعضها أقوى من بعض بدئ بالأقوى والأهم، كأن يكون أوصى بوصايا بعضها فرائض وبعضها واجبات، كصدقة الفطر - عندهم - أو مندوبات، فتقدم الفريضة، ثم بعد ذلك الواجب، ثم المندوب; لأن الفرض أهم من النفل في الشرع، حتى وإن كان الموصي قد أخر الفرض في كلامه.

        وقيل: تقدم الزكاة على الحج، وقيل: العكس، وهما على الكفارات.

        وقيل: تقدم كفارة القتل، ثم اليمين لانتهاك حرمة الاسم، ثم الظهار، ثم زكاة الفطر، ثم النذر، ثم الأضحية.

        وقيل: يقدم العشر على الخراج.

        وقيل: يقدم من النوافل الصدقة، ثم حج النفل، ثم العتق.

        الأدلة: أدلة القول الأول:

        أدلة القول الأول بإتمام النقص من رأس المال: هي الأدلة الدالة على وجوب إخراج الواجبات من رأس المال.

        دليل القول الثاني:

        يمكن أن يستدل للقول بعدم إتمام النقص من رأس المال: بأن فيه اتباعا لوصية الموصي ووقوفا عند شرطه.

        ويمكن أن يناقش: بأن هذا الاستدلال بالمعقول في مقابلة النصوص السابقة، فلا يصح.

        [ ص: 361 ] الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - القول الأول; لقوة دليله، ومناقشة دليل قول الآخر.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية