الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 352 ] المطلب الثالث

        الوصايا المحاصص بها، والتي لا يحاصص بها

        وهي ثلاثة أقسام: القسم الأول: الوصايا المحاصص بها اتفاقا بين القائلين بالمحاصصة.

        وهي الوصايا الصحيحة اللازمة سواء كان مستحقها موجودا، أو منتظر الوجود، مثل الوصية بربع ماله لحمل ابنته، أو لمن سيولد لها، وبثلثه للفقراء، فإن المحاصة تجري بين الوصيتين للزومهما، وما ناب الفقراء يفرق عليهم، وما ناب الحمل أو المولود المنتظر يوقف له حتى يوجد بشروطه.

        القسم الثاني: الوصايا المختلف في المحاصة بها: الوصايا الباطلة ، والمردودة، والموقوفة.

        1 - فالأولى كالوصية التي يموت فيها الموصى له قبل موت الموصي، قد اختلف فيها العلماء كما سبق، فقيل: يحاصص بها مطلقا.

        وقيل: لا يحاصص بها مطلقا ، وقيل: لا يحاصص بها إن علم الموصي بموت الموصى له قبله ، وإن لم يعلم حوصص بها.

        مثال ذلك: من أوصى بعشرة لشخص، وعشرة لآخر، والثلث كله عشرة، مات أحد الموصى لهما قبل موت الموصي، فإن العشرة تكون كلها للحي على القول بعدم المحاصة، وعلى القول بالمحاصة يقسم بينهما، والخمسة التي تنوب الميت ترجع للورثة، وعلى القول الثالث إن علم بموته فالمحاصة، وإن لم يعلم فلا محاصة.

        [ ص: 353 ] 2 - الوصية المردودة في حياة الموصي، فإن فيها نفس الخلاف في الوصية التي يموت الموصى له قبل موت الموصي: المحاصة مطلقا، وعدمها مطلقا، والتفصيل بين علم الموصي برده وعدم علمه بذلك، والخلاف في هذه الصورة مخرج على الخلاف في التي قبلها.

        بخلاف ردها بعد وفاة الموصي فإنه يحاصص بها، ويرجع منابها ميراثا بين الورثة.

        3 - الوصية لوارث وأجنبي، فإن الوارث يحاصص الأجنبي بوصيته ، فما ناب الأجنبي أخذه، وما ينوب الوارث يرجع ميراثا، إذا لم يجزه الورثة، وقيل: يبطل نصيب الوارث إذا لم يجزه الورثة، ولا يحاصص به الأجنبي، فإن كانت الوصية لهما بالثلث، فإن الثلث كله للأجنبي لبطلان وصية الوارث، وسيأتي بحث هذه المسألة قريبا.

        القسم الثالث: الوصايا التي لا يحاصص بها أربابها اتفاقا، وهي الوصية بمعين إذا هلك.

        كمن أوصى لشخص بثلث ماله، وأوصى لآخر بسيارته هذه، فاحترقت السيارة بعد موت الموصي، فإن الموصى له بالثلث يأخذ ثلثه كاملا ولا يحاصصه الموصى له بمعين; لبطلان وصيته، ولأنه لا يقوم ميت، ولا يقوم على ميت، كما قال مالك.

        واختلف إذا أوصى بأشياء معينة لشخص، وبباقي الثلث لشخص آخر، [ ص: 354 ] ثم نفذت الأشياء المعينة للموصى له بها في حياته، فأفتى بعضهم: بإعطاء الموصى له ببقية الثلث جميع الثلث ; لأنه لم يبق له مزاحم.

        وذهب آخرون: بتقويم المعينات المنجزة، وإسقاط قيمتها من الثلث ويرجع ميراثا، والباقي يعطى للموصى له ببقية الثلث.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية