الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب السادس

        الوصيتان بجزءين شائعين

        بأن يوصي له في إحداهما بجزء، ثم يوصي له بجزء، وتشمل صورتين:

        الأولى: أن يوصي له في الثانية بمثل الجزء الموصى به في الأولى، كأن يوصي له بثلث ثم يوصي له بثلث، أو يوصي له بربع ثم يوصي له بربع، أو بسدس ثم بسدس، فيعطى الوصيتين معا إذا حملها الثلث، أو أجازهما الورثة، وإلا فما حمله الثلث قياسا على الوصيتين بعددين متساويين كمئة ومئة.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        [ ص: 318 ] القول الثاني: أنه يعطى إحدى الوصيتين كان ذلك في مجلس أو مجلسين.

        وبه قال بعض الحنفية ، وأشهب.

        الأدلة:

        أدلة القول الأول:1 - عمومات أدلة الوصية.

        2 - أن التأسيس هو الأصل أولى من التأكيد، ومقدم عليه عند التعارض.

        دليل القول الثاني:

        1 - الأصل الاستصحاب، وعدم انتقال الأملاك عن أصحابها، إلا بدليل لا يقبل الاحتمال.

        2 - القاعدة اللغوية: أن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى، والوصيتان هنا معرفتان بالإضافة، فإذا قال: أوصيت له بثلثي أو سدسي، ثم قال في الوصية الثانية: أوصيت له بثلثي أو سدسي كانت الثانية عين الأولى، مؤكدة لها; لأنها معرفة أعيدت معرفة.

        ونوقش هذان الدليلان: بأن القاعدة غير مطردة، كما أن الاستصحاب من أضعف الأدلة، ولا يصار إليه إلا عند عدم ما سواه، وقد عارضه هنا ظاهر الكلام من التأسيس، فيقدم عليه.

        وعلى هذا فالأقرب ما ذهب إليه جمهور أهل العلم ; لقوة ما استدلوا به.

        [ ص: 319 ] الصورة الثانية: أن يكون أحد الجزأين أكثر من الآخر، مثل: الوصية له بثلث ثم الوصية بسدس، والعكس، أو الوصية له بربع، ثم الوصية له بنصف.

        الخلاف في هذه المسألة كالخلاف في مسألة ما إذا أوصى بأمرين متحدي الجنس والصفة، مختلفي القدر.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية