الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 531 ] المبحث الحادي والعشرون

        المبطل الحادي والعشرون: وفاة الموصى له

        وتحته مطلبان:

        المطلب الأول وفاة الموصى له قبل الموصي أو معه

        إذا توفي الموصى له قبل الموصي أو معه، فهنا ثلاثة أقوال: القول الأول: بطلان الوصية مطلقا، علم الموصي بموته أم لا.

        وهو مذهب الأئمة الأربعة وأصحابهم، وبه قال الزهري، وحماد بن أبي سليمان.

        وذهب بعض المالكية : أنه إذا كانت الوصية لجماعة فمات أحدهم فنصيبه لشركائه.

        وحجته:

        1 - ما تقدم من الأدلة على أن الوصية تقبل وتملك بعد موت الموصي [ ص: 532 ] ولم يوجد.

        2 - أن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، فإذا مات الموصى له قبل موت الموصي لم يصح الإيجاب، كما لا يصح إيجاب البائع للمشتري بعد موته.

        3 - ولأنها عطية صادفت المعطى ميتا، فلم تصح كما لو وهب ميتا.

        4 - القياس على الإرث.

        ه - أن الوصية إنما تجب بالموت، فإذا مات قبله لم يبق لها محل ومستحق.

        القول الثاني: صحتها مطلقا، ويستحقها ورثة الموصى له.

        وبه قال الحسن البصري، والنخعي.

        وحجته: أنه أي: الموصى به للموصى له بعد عقد الوصية، فيقوم الوارث مقامه، كما لو مات بعد موت الموصي وقبل القبول.

        القول الثالث: التفصيل بين علمه بوفاته وعدمه ، فإن علم بوفاته ولم يغير وصيته فهي لورثة الموصى له، وإن لم يعلم بوفاته بطلت، وعادت لورثة الموصي.

        وهو قول عطاء.

        وحجة هذا القول:

        1 - أن الموصي لما أعلم بوفاة الموصى له ولم يغير وصيته كان ذلك دليلا على أنه قصد جعله لورثته، وإبقاءه لهم، فتعطى لهم.

        [ ص: 533 ] 2 - ولأن استمراره على وصيته بمنزلة إنشاء وصية جديدة لورثة الموصى له، بخلاف ما إذا لم يعلم، فإن الوصية تبطل; لاحتمال أنه لو علم بوفاته لرجع عن وصيته.

        ونوقش هذا الاستدلال: أنه لم يغير وصيته بعد علمه بوفاته لمعرفته ببطلان الوصية بموته، والأموال لا تنتقل بالشك.

        الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم ; لقوة دليله.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية