الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 439 ] المبحث الثالث

        قواعد في شروط الموصين

        ذكر العلماء -رحمهم الله تعالى- قواعد في شروط الموصين مع ما سبق من القاعدة الكبيرة: أن الأصل في شروط الموصين الحل والصحة:

        الأولى: قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: « مع أن التحقيق أن لفظ الواقف والموصي والناذر والحالف، وكل عاقد يحمل على مذهبه وعادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها وافق لغة العرب أو لغة الشارع أو لا، والعادة المستمرة والعرف المستقر في الواقف يدل على شرط الواقف أكثر مما يدل لفظه لاستفاضته » .

        الثانية: أن ألفاظ الموصين تبنى على عرفهم، وقد تقدم عن شيخ الإسلام ما يدل على ذلك.

        الثالثة: إذا شرط الموصي شرطين متعارضين ولم يمكن العمل بهما ، يعمل بالمتأخر منهما ; لأن الشرط الأخير يسفر عن المراد وعن غرض الواقف، وقد قال الفقهاء بوجوب مراعاة غرض الواقف، وأنه يصلح مخصصا ، ويظهر فائدة هذا أيضا فيما إذا كان للفظ محتملان، فإنه يجب [ ص: 440 ] تعيين أحدهما بالغرض.

        وقالوا أيضا: إذا تعارضت عبارتان في كلام الواقف، إحداهما تقتضي حرمان بعض الموقوف عليهم، والأخرى تقتضي عدمه، فالأقرب إلى مقاصد الواقفين أنهم لا يقصدون حرمان أحد من ذريتهم، فيترجح جانب العطاء; لأن الحرمان ليس من مقاصد الواقفين غالبا.

        الرابعة: قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: « القاعدة التاسعة: العرف والعادة يرجع إليه في كل حكم حكم به الشارع ولم يجده... ومن فروعها: أن الأوقاف يرجع في مصارفها إلى شروط الواقفين التي لا تخالف الشرع، فإن جهل شرط الموقف رجع في ذلك إلى العادة والعرف الخاص، ثم إلى العرف العام في صرفها في طرقها » .

        وكذا في شرط الموصي; إذ إن العلماء يلحقون الوصية بالوقف في كثير من المسائل.

        الخامسة: قال الشيخ السعدي: « ومن الفروق الصحيحة التفريق بين شروط الموقفين والموصين ونحوهم: أن ما وافق منها الشرع اعتبر وما خالفه ألغي، فالمسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما، أو حرم حلالا، وهذا القول مطرد في كل الشروط، كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية