الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 29 ] الفصل الثاني

        شروط الموصى به

        وفيه مباحث:

        المبحث الأول الشرط الأول: كون الموصى به موجودا، معلوما، مقدورا على تسليمه.

        المبحث الثاني: الشرط الثاني: أن يكون الموصى به مالا شرعا.

        المبحث الثالث: الشرط الثالث: اشتراط القربة لصحة الوصية.

        المبحث الرابع: الشرط الرابع: أن يكون الموصى به متحقق الحياة.

        المبحث الخامس: الشرط الخامس: ألا يزيد الموصى به على الثلث.

        المبحث السادس: الشرط السادس: اشتراط عدم الشيوع في الموصى به.

        المبحث السابع: كون الموصى به عينا (الوصية بالمنافع ) .

        [ ص: 30 ] [ ص: 31 ] المبحث الأول

        الشرط الأول: كون الموصى به موجودا، معلوما، مقدورا على تسليمه.

        وفيه مطالب:

        المطلب الأول: أن يكون موجودا

        (الوصية بالمعدوم )

        كالوصية بما تحمله هذه الناقة ونحوها، أو بما تحمله هذه الأشجار، ونحو ذلك.

        اختلف العلماء في حكم الوصية بالمعدوم على قولين:

        القول الأول: أنه تصح الوصية بالمعدوم.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        قال في تحفة الفقهاء: « وأما الوصية بأعيان الأموال: فإنه يجوز، [ ص: 32 ] سواء كان الموصى به موجودا معينا، أو بربع المال أو ثلثه أو خمسه وله مال، أو أوصى بالمعدوم بأن يوصي بما يثمر نخله، أو ما يخرج من بستانه ، أو بثلث ماله ولا مال له: فإن الوصية جائزة من الثلث » .

        وحجته:

        1 - عموم أدلة الوصية.

        2 - ولأن الوصية إنما جوزت رفقا بالناس، فاحتمل فيها وجوه من الغرر، فكما تصح بالمجهول تصح بالمعدوم.

        3 - ولأن المعدوم يصح تملكه بعقد السلم، والمساقاة، والإجارة، فكذا بالوصية.

        4 - أن المعدوم يجوز أن يملك بالمساقاة والإجارة مع أنهما عقدا معاوضة; فبالوصية أولى; لأن باب الوصية أوسع من غيره.

        5 - ولأنه ليس في مقابلتها عوض يتضرر الموصى له بفواته كالبيع، وقيل: لا تصح مطلقا، وقيل: تصح بالثمرة دون الولد، وفرق بينهما بأن الثمرة تحدث بلا صنع بخلاف الولد، وإذا صحت الوصية بالحمل الذي سيحدث فتصح بالحمل الموجود أولى، وشرط استحقاقه تحقق وجوده حال الوصية.

        القول الثاني: لا تصح الوصية بالمعدوم.

        وبه قال بعض الشافعية ، وبعض الحنابلة .

        وحجته: لأن التصرف يستدعي متصرفا فيه ولم يوجد.

        [ ص: 33 ] ونوقش هذا الاستدلال: بأنه استدلال في محل النزاع.

        القول الثالث: تصح الوصية بالثمرة المعدومة دون الولد.

        وبه قال الحنفية استحسانا.

        وحجته: الفرق بينهما بأن الثمرة تحدث بلا صنع بخلاف الولد.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأنه فرق غير مؤثر.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - صحة الوصية بالمعدوم; لما تقدم أن الوصية فعل خير فيكثر منه ، ولأن الأصل الصحة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية