الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 246 ] المبحث الخامس

        الوصية لمعين، وجماعة غير محصورة

        مثل: الوصية لزيد والفقراء.

        هذه المسألة لا تخلو من أحوال:

        الحال الأولى: إذا وصف الموصي المعين بصفة الجماعة الموصى لها معه، فتبين خلاف ذلك، فإنه لا يستحق شيئا، كما لو قال في وصيته: لزيد الفقير والفقراء، فإنه إذا تبين أنه غني لم يكن له شيء; لأنه أوصى له بشرط الفقر فلم يوجد.

        الحال الثانية: إذا وصفه بوصف مميز فإنه يستحق نصف الوصية ، كما لو أوصى لزيد الإمام أو الكاتب أو العالم، أو المدرس، والفقراء أو الطلبة، فإن زيدا يعطى نصف الوصية، والنصف الآخر للجماعة المجهولة.

        الحال الثالثة: إذا لم يوصف هذا المعين بوصف الجماعة، ولا بوصف يميزه.

        فاختلف العلماء فيها على أقوال:

        القول الأول: أن للمعين النصف، وللفقراء النصف، فإذا كان المعين اثنين فالوصية بينهم على ثلاثة، كما لو أوصى لزيد وعمرو والفقراء.

        وهو قول الحنفية ، وبعض الشافعية ، ومذهب الحنابلة .

        وعند الحنفية : إذا كان من لا يحصى لا تصح الوصية له، فإن المعين [ ص: 247 ] يأخذ الوصية كلها، كمن أوصى لفلان وبني تميم، أو أوصى لزيد والمسلمين، أو الفقهاء وبني تميم، بناء على أصل الحنفية من بطلان الوصية لمن لا يحصى، إذا لم يكن في لفظ الموصى له ما يشعر بالحاجة.

        القول الثاني: أن المعين يعطى حكم المجهول، وهو واحد منهم ، ويعطى من الوصية باجتهاد المكلف بتوزيعها، في تقديمه وتأخيره، وفي مقدار ما يعطيه، ولا شيء لوارثه إذا مات قبل القسمة ; لأن هذه الوصية لا تستحق إلا بالقسم.

        وهو قول المالكية .

        وقول للشافعية: إلا أنه يعطى أقل متمول.

        القول الثالث: أن له الربع، وهو قول للشافعية.

        القول الرابع: أنه كأحدهم في القسمة، فإذا كان الفقراء ثلاثة أعطي الربع، أو أربعة أعطي الخمس، وهكذا. وهو قول للشافعية.

        الأدلة:

        دليل القول الأول: (يعطى النصف ) :

        1 - أن النصف يقتضي التشريك بين المتعاطفين، والأصل في الشركة المساواة، فيحمل عليها عند الإطلاق.

        [ ص: 248 ] ونوقش هذا الاستدلال: بأن العطف يقتضي التشريك في أصل الحكم دون تفاصيله، ومقدار النصيب.

        2 - القياس على الوصية لزيد وعمرو; لأن كلا منهما وصية بحقين ولمصرفين.

        دليل القول الثاني: (حكم المجهول ) :

        أن الموصي لما ضمه إليهم دل ذلك على قصد إعطائه حكمهم، واعتباره كواحد منهم، فيعمل بقصده لقيام القرينة الدالة عليه ، ولعل هذا مبني على دلالة الاقتران، وهي ضعيفة عند الأصوليين.

        دليل القول الثالث، والرابع:

        القول بإعطائه الثلث، والقول بإعطائه الربع مبنيان على الخلاف في أقل الجمع، فمن قال: اثنان أعطاه الثلث، ومن قال: ثلاثة أعطاه الربع.

        الترجيح في هذه المسألة كالترجيح في المسألة السابقة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية