الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        القسم الثالث: إذا أوصى لأحدهما بأكثر من الثلث، ولآخر بالثلث أو بأقل، أو أوصى لكل واحد منهما بأكثر من الثلث، أو بجميع المال، فإن هنا تفصيلا بين إجازة الورثة وردهم.

        فإن أجازوا: فالجمهور على أن كل واحد يضرب بوصيته، ويقتسمون على طريق العول، فإذا أوصى لواحد بالثلث، وللآخر بالنصف، ضرب صاحب النصف بنصفه وصاحب الثلث بثلثه، ويقسم المال على ستة، للموصى له بالنصف ثلاثة، وللموصى له بالثلث اثنان والباقي للورثة.

        وإذا أوصى لأحدهما بجميع ماله، وللآخر بنصفه، فإن الموصى له بالجميع يضرب بالجميع: اثنان، وصاحب النصف بواحد، فيعطى لصاحب النصف واحد من ثلاثة، وللآخر اثنان من ثلاثة وهكذا.

        وقال أبو حنيفة: يقسم المال بينهما على طريق المنازعة، فللموصى له [ ص: 342 ] بالجميع النصف أولا ; لأن الموصى له بالنصف لا ينازعه فيه، ثم يقتسمان النصف المتنازع فيه نصفين; لاشتراكهما فيه، فيأخذ الموصى له بالجميع ثلاثة أرباع المال، والموصى له بالنصف الربع الباقي.

        وفي حالة الرد يرى جمهور الفقهاء: أن كل واحد يضرب بجميع وصيته في الثلث.

        ويرى أبو حنيفة: أن الموصى له بأكثر من الثلث لا يضرب إلا بالثلث، فإذا أوصى لأحدهما بالنصف، وللآخر بالثلث، أو أوصى لأحدهما بجميع المال وللآخر بالنصف، فإن الثلث يقسم نصفين; لأن الزائد على الثلث باطل برد الورثة، والباطل لا يعتد به، فلا يحاصص به عند أبي حنيفة.

        وعند الجمهور: يضرب الموصى له بالجميع بثلاثة; لأنها جميع المال ويضرب الموصى له بالثلث بواحد، فيقسم الثلث بينهما على أربعة بنسبة الحصص، للموصى له بالجميع ثلاثة أرباع الثلث، وللموصى له بالثلث ربع الثلث، ومثل ذلك يجري في الوصية لأحدهما بالنصف، وللآخر بالثلث.

        فإذا لم يجز الورثة فإن الثلث يقسم بينهما على خمسة للموصى له بالنصف ثلاثة أخماس الثلث، وللموصى له بالثلث خمسا الثلث.

        وحجة الجمهور:

        1 - أن الموصي فضل بينهما في الوصية حين أوصى لأحدهما بأكثر من الآخر، فيجب تنفيذ وصيته في أصل التفضيل، وتمنع التسوية بينهما لعموم قوله تعالى: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه .

        [ ص: 343 ] 2 - وعموم حديث: المسلمون على شروطهم .

        وحجة أبي حنيفة: أن ما رده الورثة باطل.

        وما ذهب إليه الجمهور أقوى; لقوة دليله.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية