الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2630 - "إني لأعطي رجالا؛ وأدع من هو أحب إلي منهم ؛ لا أعطيه شيئا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم"؛ (حم ن)؛ عن سعد .

التالي السابق


(إني لأعطي رجالا) ؛ مفعوله الثاني محذوف؛ أي: الشيء؛ (وأدع) ؛ أي: والحال أني أترك؛ (من هو أحب إلي منهم) ؛ أي: أولى بالإعطاء منه؛ (لا أعطيه شيئا) ؛ من الفيء؛ ونحوه؛ (مخافة) ؛ مفعول لقوله "أعطي"؛ أي: لأجل مخافة؛ (أن يكبوا) ؛ بضم أوله؛ وفتح الكاف؛ (في النار) ؛ أي: يقلبوا؛ منكوسين فيها؛ و"الكب": الإلقاء على الوجه؛ فقوله: (على وجوههم) ؛ تأكيد؛ يعني: أعطي بعضا لعلمي بضعف إيمانه؛ حتى لو لم أعطه لأعرض عن الحق؛ وسقط في النار على وجهه؛ وأترك بعضا في القسمة لعلمي بكمال إيمانه ورضاه بفعلي؛ فمن المؤلفة - الذين لم يصل نور الإيمان لقلوبهم؛ وإنما كانوا عبيد الدرهم والدينار؛ وكان يعطيهم - الأقرع بن حابس ؛ وعيينة ؛ وابن مرداس ؛ وأبو سفيان ؛ ويزيد ابنه؛ وفي شرح الأحكام؛ لعبد الحق ؛ أن أخاه معاوية منهم؛ حكاه المقدسي ؛ وغيره من علماء الآثار؛ كذا قال؛ وفيه حل الإعطاء لمن لم يتمكن الإسلام من قلبه ؛ وأن للإمام تمييز البعض لمصلحة؛ وأنه يقدم الأهم فالأهم؛ وفيه جواز الشفاعة إلى ولاة الأمور ؛ ومراجعة المشفوع إليه إذا لم يؤد إلى مفسدة؛ والأمر بالتثبت؛ وأن المشفوع إليه لا يعاب إذا رد الشفاعة؛ إذا كانت خلاف المصلحة؛ وأنه ينبغي أن يعتذر للشافع؛ ويبين له عذره في ردها؛ وأنه لا يقطع بالجنة لأحد على التعيين إلا من ثبت فيه نص؛ كالعشرين؛ وأن الإقرار باللسان لا ينفع إلا إذا اقترن به اعتقاد بالقلب.

(حم ن؛ عن سعد ) ؛ ابن أبي وقاص ؛ قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسما؛ فقلت: يا رسول الله؛ أعط فلانا؛ فإنه مؤمن؛ فقال: "أو مسلم "؛ أقولها ثلاثا؛ ويرددها علي ثلاثا؛ "أو مسلم "؛ ثم قال: "إني لأعطي..." ؛ إلخ؛ وهذا الحديث رواه مسلم عن سعد بلفظ: "إني لأعطي الرجل؛ وغيره أحب إلي منه؛ مخافة أن يكبه الله في النار" ؛ وبلفظ: "إني لأعطي الرجل؛ وغيره أحب إلي منه؛ خشية أن يكبه الله في النار على وجهه" ؛ فكان العزو لمسلم أولى.




الخدمات العلمية