الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3472 - "ثلاث مهلكات؛ وثلاث منجيات؛ وثلاث كفارات؛ وثلاث درجات : فأما المهلكات: فشح مطاع؛ وهوى متبع؛ وإعجاب المرء بنفسه؛ وأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا؛ والقصد في الفقر والغنى؛ وخشية الله (تعالى) في السر والعلانية; وأما الكفارات: فانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ وإسباغ الوضوء في السبرات؛ ونقل الأقدام إلى الجماعات; وأما الدرجات: فإطعام الطعام؛ وإفشاء السلام؛ والصلاة بالليل والناس نيام"؛ (طس)؛ عن ابن عمر ؛ (ض) .

التالي السابق


(ثلاث مهلكات) ؛ أي: موقعات لفاعلها في المهالك؛ (وثلاث منجيات) ؛ لفاعلها؛ (وثلاث كفارات) ؛ لذنوب فاعلها؛ (وثلاث درجات) ؛ أي: منازل في الآخرة؛ (فأما المهلكات؛ فشح مطاع) ؛ أي: بخل يطيعه الناس؛ فلا يؤدون الحقوق ؛ وقال الراغب : خص المطاع لينبه أن الشح في النفس ليس مما يستحق به ذم؛ إذ ليس هو من فعله؛ وإنما يذم بالانقياد له؛ ( وهوى متبع) ؛ بأن يتبع كل أحد ما يأمره به هواه ؛ ( وإعجاب المرء بنفسه ) ؛ أي: تحسين كل أحد نفسه على غيره؛ وإن كان قبيحا؛ قال القرطبي : وإعجاب المرء بنفسه هو ملاحظة لها بعين الكمال؛ مع النسيان لنعمة الله؛ و"الإعجاب": وجدان شيء حسنا؛ قال (تعالى) - في قصة قارون -: قال إنما أوتيته على علم عندي ؛ قال الله (تعالى): فخسفنا به ؛ فثمرة العجب الهلاك؛ قال الغزالي : ومن آفات العجب أنه يحجب عن التوفيق والتأييد من الله (تعالى)؛ فإن أعجب؛ فمخذول؛ فإذا انقطع عن العبد التأييد والتوفيق؛ فما أسرع ما يهلك؛ قال عيسى - عليه الصلاة والسلام -: "يا معشر الحواريين؛ كم سراج قد أطفأته الريح! وكم عابد أفسده العجب"؛ (وأما المنجيات؛ فالعدل في الغضب والرضا؛ والقصد في الفقر والغنى؛ وخشية الله في السر والعلانية ) ؛ قدم السر لأن تقوى الله فيه أعلى درجة من العلن؛ لما يخاف من شوب رؤية الناس؛ وهذه درجة المراقبة؛ وخشيته فيهما تمنع من ارتكاب كل منهي؛ وتحثه على فعل كل مأمور؛ فإن حصل للعبد غفلة عن ملاحظة خوفه؛ وتقواه؛ فارتكب مخالفة مولاه؛ لجأ إلى التوبة؛ ثم داوم الخشية؛ (وأما الكفارات) ؛ جمع "كفارة"؛ وهي الخصال التي من شأنها أن تكفر - أي: تستر الخطيئة -؛ وتمحوها؛ ( فانتظار الصلاة بعد الصلاة ) ؛ ليصليها في المسجد؛ ( وإسباغ الوضوء في السبرات ) ؛ جمع "سبرة"؛ بسكون الموحدة؛ وهي شدة البرد؛ كـ "سجدة"؛ و"سجدات"؛ (ونقل الأقدام إلى الجماعة) ؛ أي: إلى الصلاة مع الجماعة ؛ [ ص: 308 ] (وأما الدرجات؛ فإطعام الطعام) ؛ للجائع؛ (وإفشاء السلام ) ؛ بين الناس؛ من عرفته؛ ومن لم تعرفه؛ (والصلاة بالليل والناس نيام) ؛ أي: التهجد في جوف الليل ؛ حال غفلة الناس؛ واستغراقهم في لذة النوم؛ وذلك هو وقت الصفاء؛ وتنزلات غيث الرحمة؛ وإشراق الأنوار.

(طس) ؛ وكذا أبو نعيم ؛ (عن ابن عمر ) ؛ ابن الخطاب - رضي الله عنه -؛ قال العلاء : سنده ضعيف؛ وعده في الميزان من المناكير؛ قال الهيثمي : فيه ابن لهيعة ؛ ومن لا يعرف.




الخدمات العلمية