الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3857 - "الحلال بين؛ والحرام بين؛ فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ؛ (طص)؛ عن عمر ؛ (ح) .

التالي السابق


( الحلال بين) ؛ أي: جلي الحل؛ ( والحرام بين ؛ لا تخفى حرمته بالأدلة الظاهرة؛ أو البين من كل منهما: ما استقر الشرع على تحليله؛ أو تحريمه؛ كحل لحم الأنعام؛ وتحريم لحم الخنزير؛ قال الغزالي : يظن الجاهل أن الحلال مفقود؛ وأن السبيل [ ص: 425 ] للوصول إليه مسدود؛ حتى لم يبق من الطيب إلا الماء [الفرات]؛ والحشيش النابت في الموات؛ وما عداه فقد أحالته الأيدي العادية؛ وأفسدته المعاملة الفاسدة؛ وليس كذلك؛ بل قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "الحلال بين..."؛ ولا تزال هذه الثلاثة [مقترنات]؛ وإنما الذي فقد: العلم بالحلال؛ وبكيفية الوصول إليه؛ أهـ؛ وقال القاضي : معنى الحديث أنه (تعالى) مهد لكل منهما أصلا يتمكن الناظر المتأمل فيه من استخراج أحكام ما يعن له من الجزئيات؛ وتعرف أحوالها؛ لكن قد يتفق في الجزئيات ما يقع فيه الاشتباه؛ لوقوعه بين الأصلين؛ ومشاركته لأفراد كل منهما من وجه؛ فينبغي ألا يجترئ المكلف على تعاطيه؛ بل يتوقف حيثما يتأمل فيه؛ فيظهر له أنه من أي القبيلين؛ فإن اجتهد؛ ولم يظهر له أثر الرجحان؛ بل رجع طرف الذهن عن إدراكه حسيرا؛ تركه في حيز التعارض أسيرا؛ وأعرض عما يريبه إلى ما لا يريبه؛ استبراء لدينه أن يختل بالوقوع في المحارم؛ وصيانة لعرضه أن يتهم بعدم المبالاة بالمعاصي؛ والبعد عن الورع؛ كما أشار إليه بقوله: ( فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ؛ فما اطمأن إليه القلب فهو بالحلال أشبه؛ وما نفر عنه فهو بالحرام أشبه؛ قال الحكيم : هذا عند المحققين الموصوفين بطهارة القلوب؛ ونور اليقين؛ فأولئك هم أهل هذه الرتبة؛ أما العوام والعلماء الذين غذوا بالحرام؛ فلا التفات إلى ما تطمئن إليه قلوبهم المحجبة بحجب الظلمات.

(تنبيه) :

روى الحافظ العراقي عن الإمام أحمد بن حنبل : أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث: "الأعمال بالنيات"؛ وحديث: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"؛ وحديث: "الحلال بين؛ والحرام بين"؛ وقد مر ذلك؛ ونظمه الزين العراقي :


أصول الإسلام ثلاث إنما الأعمال بالنيات وهي القصد كذا الحلال بين وكل ما
ليس عليه أمرنا فرد



(طص؛ عن عمر ) ؛ ابن الخطاب ؛ قال الهيثمي في موضع: إسناده حسن؛ وقال في موضع آخر: فيه أحمد بن شبيب ؛ قال الأزدي : منكر الحديث؛ وتعقبه الذهبي بأن أبا حاتم وثقه.




الخدمات العلمية