الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3904 - " خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر؛ فتلاحى رجلان؛ فاختلجت مني؛ فاطلبوها في العشر الأواخر ؛ في سابعة تبقى؛ أو تاسعة تبقى؛ أو خامسة تبقى"؛ الطيالسي ؛ عن عبادة بن الصامت ؛ (ح) .

التالي السابق


(خرجت) ؛ من حجرتي؛ (وأنا أريد) ؛ أي: والحال أني أريد؛ (أن أخبركم بليلة القدر) ؛ أي: أخبركم بليلة القدر هي [ ص: 438 ] الفلانية؛ وهي بسكون الدال؛ مرادف "القدر"؛ بفتحها؛ سميت له؛ لما تكتب الملائكة فيها من الأقدار؛ ولم يعبر بمفتوح الدال؛ لأن المراد تفصيل ما جرى به القضاء مجردا من تلك؛ واختلف في تعيين ليلتها على أكثر من أربعين قولا؛ (فتلاحى) ؛ تنازع وتخاصم وتشاتم؛ (رجلان) ؛ من المسلمين ؛ كذا هو في البخاري ؛ وهما كعب بن مالك ؛ وابن أبي حدرة ؛ بحاء مفتوحة؛ ودال مهملة مكسورة؛ الأسلمي ؛ كان على عبد الله دين لكعب ؛ وطلبه؛ فتنازعا؛ ورفعا أصواتهما بالمسجد؛ (فاختلجت مني) ؛ أي: من قلبي؛ ونسيت تعيينها؛ بالاشتغال بالمتخاصمين ؛ قال عياض : دل به على ذم المخاصمة؛ وأنها سبب للعقوبة ؛ لكن ليست المخاصمة في طلب الحق مذمومة مطلقا؛ بل لوقوعها في المسجد؛ وهو محل الذكر؛ لا اللغو؛ (فاطلبوها) ؛ أي: اطلبوا وقوعها؛ لا معرفتها؛ واستنبط منه السبكي ندب كتمها لمن رآها ؛ ووجه الدلالة أنه (تعالى) قدر لنبيه أنه لا يخبر بها؛ والخبر كله فيما قدره؛ فيسن اتباعه في ذلك؛ (في العشر الأواخر) ؛ من رمضان؛ (في تاسعة تبقى) ؛ أي: في ليلة يبقى بعدها تسع ليال؛ وهي ليلة إحدى وعشرين؛ (أو سابعة تبقى) ؛ وهي ليلة ثلاث وعشرين؛ (أو خامسة تبقى) ؛ وهي ليلة خمس وعشرين؛ واستفيد التقييد بالعشرين؛ وبرمضان من أحاديث أخرى مصرحة به؛ قال الطيبي : قوله: "في تاسعة"؛ بدل من قوله: "في العشر الأواخر"؛ و"تبقى"؛ صفة لما قبله من العدد؛ قال جمع من شراح البخاري وغيره: وإنما يصح معناه ويوافق ليلة القدر وترا من الليالي ؛ على ما ذكره في الأحاديث؛ إذا كان الشهر ناقصا؛ فإن كان كاملا فلا يكون إلا في شفع؛ لأن الباقي بعدها ثمان؛ فتكون التاسعة الباقية ليلة ثنتين وعشرين؛ والسابعة الباقية بعد ست ليلة أربع وعشرين؛ والخامسة الباقية بعد أربع ليال ليلة سادس وعشرين؛ وهذا على طريقة العرب في التاريخ؛ إذا جاوزوا نصف الشهر؛ فإنهم إنما يؤرخون بالباقي منه؛ لا الماضي؛ وفيه ذم الملاحاة؛ سيما بالمسجد؛ وذم فاعلها؛ وأن ليلة القدر غير معينة ؛ قال في المطامح: ومن أعجب الأقوال المنكرة قول أبي حنيفة : إنها رفعت؛ تمسكا بظاهر الخبر؛ وإنما القصد رفع تعيينها؛ لا وجودها؛ بدليل قوله: "اطلبوها"؛ والتماس المرتفع محال.

( الطيالسي ) ؛ أبو داود ؛ (عن عبادة ) ؛ بضم العين؛ وخفة الموحدة؛ ( ابن الصامت ) ؛ وهو بنحوه في البخاري ؛ ولفظه عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخبرنا بليلة القدر؛ فتلاحى رجلان من المسلمين؛ فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر؛ فتلاحى فلان وفلان؛ فرفعت؛ وعسى أن يكون خيرا لكم؛ فالتمسوها في التاسعة؛ والسابعة؛ والخامسة" ؛ وفي رواية أيضا عن ابن عباس مرفوعا: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان؛ في تاسعة تبقى؛ في سابعة تبقى؛ في خامسة تبقى" .




الخدمات العلمية