الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2856 - "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف؛ لو أقسم على الله؛ لأبره ؛ ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ جعظري مستكبر"؛ (حم ق ت ن هـ)؛ عن حارثة بن وهب ؛ (صح) .

التالي السابق


(ألا أخبركم بأهل الجنة ؟) ؛ قالوا: بلى؛ قال: (كل ضعيف) ؛ قال أبو البقاء : برفع "كل"؛ لا غير؛ أي: هم كل ضعيف عن أذى الناس؛ أو عن المعاصي؛ ملتزم الخشوع والخضوع بقلبه؛ وقالبه؛ (متضعف) ؛ بفتح العين؛ كما في التنقيح؛ عن ابن الجوزي ؛ قال: وغلط [ ص: 102 ] من كسرها؛ لأن المراد أن الناس يستضعفونه؛ ويحتقرونه؛ وفي علوم الحديث للحاكم أن ابن خزيمة سئل عن الضعيف؛ قال: الذي يبرئ نفسه من الحول والقوة في اليوم عشرين مرة؛ إلى خمسين؛ (لو أقسم على الله؛ لأبره؛ ألا أخبركم بأهل النار ؟) ؛ قالوا: بلى؛ قال: (كل عتل) ؛ بالضم؛ والتشديد: الجافي؛ أو الجموع المنوع؛ أو الأكول الشروب؛ (جواظ) ؛ بفتح؛ فتشديد؛ كما تقرر؛ (جعظري مستكبر) ؛ صاحب كبر؛ و"الكبر": تعظيم المرء نفسه؛ واحتقاره غيره؛ والأنفة من مساواته.

(تنبيه) :

قال ابن عربي في كلامه على الأولين: إنما نالوا هذه المرتبة عند الله؛ لأنهم صانوا قلوبهم أن يدخلها غير الله؛ أو تتعلق بكون من الأكوان سوى الله؛ فليس لهم جلوس إلا مع الله؛ ولا حديث إلا مع الله؛ فهم في الله قائمون؛ وفي الله ناظرون؛ وإليه داخلون؛ ومنقلبون؛ وعنه ناطقون؛ ومنه آخذون؛ وعليه متوكلون؛ وعنده قاطنون؛ فما لهم معروف سواه؛ ولا مشهود إلا إياه؛ صانوا نفوسهم عن نفوسهم؛ فلا تعرفهم نفوسهم؛ فهم في غيابات الغيب المحجوبون؛ وهم ضنائن الحق المستخلصون؛ يأكلون الطعام؛ ويمشون في الأسواق؛ مشي ستر؛ كله حجاب؛ فهذا حال هذه الطائفة.

(حم ق) ؛ في التفسير وغيره؛ (ت) ؛ في صفة النار؛ (ن) ؛ في التفسير؛ (هـ) ؛ في الزهد؛ (عن حارثة بن وهب ) ؛ الخزاعي؛ أخي عبد الله بن عمر لأمه ؛ قيل: هو الذي استطول صلاة معاذ ؛ فانصرف؛ وفي الباب أبو هريرة ؛ وابن عمر ؛ وغيرهما.




الخدمات العلمية