الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2742 - "انظروا إلى من هو أسفل منكم؛ ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم ؛ (حم م ت هـ)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح) .

التالي السابق


(انظروا إلى من هو أسفل منكم) ؛ أي: في أمور الدنيا؛ أي: الأحق؛ والأولى ذلك؛ (ولا تنظروا إلى من هو فوقكم) ؛ فيها؛ (فهو أجدر) ؛ أي: فالنظر إلى من هو أسفل؛ لا إلى من هو فوق؛ حقيق؛ (ألا تزدروا) ؛ أي: بألا تحتقروا؛ (نعمة الله عليكم) ؛ فإن المرء إذا نظر إلى من فضل عليه في الدنيا؛ طمحت له نفسه؛ واستصغر ما عنده من نعم الله ؛ وحرص على الازدياد ليلحقه؛ أو يقاربه؛ وإذا نظر للدون؛ شكر النعمة؛ وتواضع؛ وحمد؛ قال الغزالي : وعجب للمرء! كيف لا يساوي دنياه؛ بدينه؟! أليس إذا لامته نفسه؛ فارقها؛ يعتذر إليها بأن في الفساق كثرة؛ فينظر أبدا في الدين إلى من هو دونه؛ لا لمن فوقه؟! أفلا يكون في الدنيا كذلك؟! وقال الحكيم : لا يزال الإنسان يترقى في درجات النظر علوا علوا؛ كلما نال درجة سما به حرصه إلى النظر إلى ما فوقها؛ فإذا نظر إلى من دونه في درجات الدين؛ اعتراه العجب؛ فأعجب بنفسه؛ فطال بتلك الدرجة على الخلق؛ واستطال؛ [ ص: 60 ] فرمي به من ذلك العلو؛ فلا يبقى منه عضو إلا انكسر؛ وتبدد؛ وكذا درجات الدنيا؛ إذا رمى ببصره إلى من دونه؛ تكبر عليه؛ فتاه على الله بكبره؛ وتجبر على عباده؛ فخسر دينه؛ وقد أخذ هذا الحديث محمود الوراق ؛ فقال:


لا تنظرن إلى ذوي الـ ـمال المؤثل والرياش فتظل موصول النها
ر بحسرة قلق الفراش وانظر إلى من كان مثـ
ـلك أو نظيرك في المعاش تقنع بعيش كيف كا
ن وترض منه بانتعاش

(حم م ت) ؛ كلاهما في الزهد؛ (عن أبي هريرة ) .




الخدمات العلمية