الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2905 - "إياكم والدخول على النساء" ؛ (حم ق ت)؛ عن عقبة بن عامر ؛ (صح) .

التالي السابق


(إياكم والدخول) ؛ بالنصب على التحذير؛ وهو تنبيه المخاطب على محذور ليتحرز منه؛ أي: اتقوا الدخول؛ (على النساء) ؛ ودخول النساء عليكم؛ وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالأولى؛ والنهي ظاهر العلة؛ والقصد به غير ذوات المحارم؛ ذكر الغزالي أن راهبا من بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها؛ فأبى قبولها؛ فما زالوا به حتى قبلها يعالجها؛ فأتاه الشيطان؛ فوسوس له مقاربتها؛ فوقع عليها؛ فحملت؛ فوسوس له: الآن تفتضح؛ فاقتلها؛ وقل لأهلها: ماتت؛ فقتلها؛ وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها؛ فأخذوه وحصروه؛ فقال له الشيطان: اسجد لي؛ تنج؛ فسجد له؛ فانظر إلى حيله؛ كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية؛ وجعلها عنده.

(حم ق ت؛ عن عقبة بن عامر ) ؛ وتمام الحديث: "قالوا: يا رسول الله؛ أرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت" ؛ أي: دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في الاستقباح؛ والمفسدة؛ فهو محرم؛ شديد التحريم؛ وإنما بالغ في الزجر بتشبيهه بالموت؛ لتسامح الناس في ذلك؛ حتى كأنه غير أجنبي من المرأة؛ وخرج هذا مخرج قولهم: "الأسد الموت"؛ أي: لقاؤه يفضي إليه؛ وكذا دخول الحمو عليها يفضي إلى موت الدين؛ أو إلى موتها؛ بطلاقها عند غيرة الزوج؛ أو برجمها إن زنت معه؛ وقد بالغ مالك في هذا الباب؛ حتى منع ما يجر إلى التهم؛ كخلوة امرأة بابن زوجها ؛ وإن كانت جائزة؛ لأن موقع امتناع الرجل من النظر بشهوة لامرأة أبيه؛ ليس كموقعه منه لأمه؛ هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية؛ وذاك أنست به النفس الشهوانية؛ و"الحمو": أخو الزوج؛ وقريبه.




الخدمات العلمية