الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3325 - "تعلموا الفرائض؛ وعلموه الناس؛ فإنه نصف العلم؛ وهو ينسى؛ وهو أول شيء ينزع من أمتي" ؛ (هـ ك)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح) .

التالي السابق


( تعلموا الفرائض؛ وعلموه الناس ؛ فإنه نصف العلم) ؛ إذ في الفرائض معظم الأحكام المتعلقة بالموت؛ أي: قسم واحد منه؛ سماه "نصفا"؛ توسعا في الكلام؛ أو اعتبارا بحالتي الحياة؛ والموت؛ أو المراد أنه نصف العلم؛ لما فيه من كثرة الفرض؛ والتقدير؛ والتعلقات؛ ولا يعارضه ما في بعض الروايات من قوله: "فإنه من دينكم"؛ لأن "من"؛ للتبعيض؛ والجزء أعم من النصف؛ وصدقهما ممكن؛ ولا ينافيه الخبر الآتي: "العلم ثلاث: آية محكمة؛ وسنة قائمة؛ وفريضة عادلة" ؛ لأنه لم يجعله أثلاثا؛ بل أقساما ثلاثة؛ فيجوز أن تكون الفريضة العادلة نصف العلم؛ والباقيتان النصف الآخر؛ (وهو ينسى) ؛ فيه؛ كما في الكافي؛ دلالة على أن المراد بالتعلم هنا التكرار؛ ولا يكفي تعلمه مرة واحدة؛ وقد سقط الوجوب عن الأمة؛ بل المراد تعلمه بحيث لا ينسى؛ فإنه أخبر بأنه مما ينسى؛ وليس المراد الخبر عنه بذلك؛ بل أنه يسرع إليه النسيان دون غيره؛ لكثرة تشابهه؛ فيكون قد حث على تكرار تعلمه؛ ومداومة مدارسته؛ فكأنه يقول: "تعلموا الفرائض؛ وكرروها؛ فإنها تنسى"؛ ومصداقه موجود؛ فإنها أسرع العلوم نسيانا؛ وأحوجها إلى المذاكرة والرياضة فيه؛ بعمل المسائل؛ وقال الماوردي : إنما حث على علم الفرائض لأنهم كانوا قريبي العهد بغير هذا التوارث؛ ولئلا يعطل بتشاغلهم بعلم أعم منه في عباداتهم؛ ومعاملاتهم؛ فيؤدي إلى انقراضه؛ (وهو أول شيء ينزع من أمتي) ؛ أي: ينزع علمه منهم بموت من يعلمه؛ وإهمال من بعدهم له.

(تنبيه) :

قال بعضهم: قد أخبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن هذا العلم أنه ينسى؛ وأنه أول ما ينسى؛ وخبر الصادق واجب الوقوع؛ وواجب الوقوع لا يرفعه تعلمه؛ ولا غيره؛ فكيف أوقعه موقع العلة للحث على تعلمه؟ وأجيب بأن تعلم العلم من حيث هو فخار في الدارين؛ وزمن الانتزاع غيب عنا؛ فكأنه حث على تعلمه واغتنام زمن وجوده؛ وانتهاز الفرصة في تحصيله قبل انتزاعه؛ فيفوت تحصيل أجره؛ وذلك يدل على عظم شأنه؛ فهو كخبر: "حجوا قبل ألا تحجوا" ؛ أي: اغتنموا فرصة الإمكان؛ والفوز بهذا الثواب العظيم؛ قبل أن يفوت؛ لأنه فائت.

(هـ ك) ؛ في الفرائض؛ (عن أبي هريرة ) ؛ قال الحافظ الذهبي : فيه حفص بن عمر بن العطاف ؛ واه بمرة؛ وقال ابن حجر : مداره على حفص هذا؛ وهو متروك؛ قال البيهقي : تفرد به حفص ؛ وليس بقوي.




الخدمات العلمية