الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3538 - "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة؛ ولا ينظر إليهم؛ ولا يزكيهم؛ ولهم عذاب أليم : المسبل إزاره؛ والمنان الذي لا يعطي شيئا إلا منه؛ والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"؛ (حم م 4)؛ عن أبي ذر ؛ (صح) .

التالي السابق


(ثلاثة) ؛ من الناس؛ (لا يكلمهم الله) ؛ تكليم رضا عنهم؛ أو كلاما يسرهم؛ أو لا يرسل لهم الملائكة بالتحية؛ وملائكة الرحمة؛ ولما كان لكثرة الجمع مدخل عظيم في مشقة الخزي قال: (يوم القيامة) ؛ الذي من افتضح في جمعه؛ لم يفز؛ (ولا ينظر إليهم) ؛ نظر رحمة وعطف ولطف؛ (ولا يزكيهم) ؛ يطهرهم من الذنوب؛ أو لا يثني عليهم؛ (ولهم عذاب أليم) ؛ مؤلم؛ يعرفون به ما جهلوا من عظمته؛ واجترحوا من مخالفته؛ وكررها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات؛ فقال أبو ذر : خابوا؛ وخسروا؛ من هم يا رسول الله؟ قال: ( المسبل إزاره) ؛ أي: المرخي له؛ الجار طرفيه؛ خيلاء ؛ وخص الإزار؛ لأنه عامة لباسهم؛ فلغيره - من نحو قميص - حكمه؛ ( والمنان؛ الذي لا يعطي) ؛ غيره؛ (شيئا إلا منه ) ؛ أي: اعتد به على من أعطاه؛ أو المراد بالمن: النقص من الحق؛ والخيانة؛ من نحو كيل ووزن؛ ومنه: وإن لك لأجرا غير ممنون ؛ أي: منقوص؛ (والمنفق سلعته) ؛ بشد الفاء؛ أي: الذي يروج بيع متاعه؛ (بالحلف) ؛ بكسر اللام؛ وسكونها؛ (الكاذب ) ؛ أي: الفاجر؛ قال الطيبي : جمع الثلاثة في قرن؛ لأن المسبل إزاره هو المتكبر المرتفع بنفسه على الناس؛ ويحتقرهم؛ والمنان إنما من بعطائه لما رأى من علوه على المعطى له؛ والحالف البائع يراعي غبطة نفسه وهضم صاحب الحق؛ والحاصل من المجموع احتقار الغير؛ وإيثار نفسه؛ ولذلك يجازيه الله باحتقاره له؛ وعدم التفاته إليه؛ كما لوح به "لا يكلمهم الله"؛ وإنما قدم ذكر الجزاء؛ مع أن رتبته التأخير عن الفعل؛ لتفخيم شأنه؛ وتهويل أمره؛ ولتذهب النفس كل مذهب؛ ولو قيل: "المسبل والمنان والمنفق لا يكلمهم..."؛ لم يقع هذا الموقع.

(حم م 4؛ عن أبي ذر ) ؛ الغفاري - رضي الله عنه.




الخدمات العلمية