الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3544 - "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة؛ ولا يزكيهم؛ ولهم عذاب أليم : أشيمط زان؛ وعائل مستكبر؛ ورجل جعل الله بضاعته؛ لا يشتري إلا بيمينه؛ ولا يبيع إلا بيمينه"؛ (طب هب)؛ عن سلمان ؛ (صح) .

التالي السابق


(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة) ؛ استهانة بهم؛ وغضبا عليهم؛ بما انتهكوا من محرماته؛ وخالفوا من أوامره؛ (ولا يزكيهم) ؛ لكونهم لم يزكوا أحكامه؛ (ولهم عذاب أليم) ؛ يعرفون به ما جهلوا من عظمته؛ واجترحوا من حرمته؛ ( أشيمط زان) ؛ في النهاية: "الشمط": الشيب؛ (وعائل مستكبر ) ؛ أي: فقير ذو عيال؛ لا يقدر على تحصيل مؤونتهم؛ ولا يطلب من بيت المال؛ أو من الناس؛ المتكبر؛ فهو آثم؛ لإيصال الضرر إلى عياله؛ (ورجل جعل الله بضاعته؛ لا يشتري إلا بيمينه؛ ولا يبيع إلا بيمينه ) ؛ فيه أن المن صفة ذم في حق العبد؛ إذ لا يكون غالبا إلا عن بخل وكبر وعجب؛ ونسيان منن الله عليه.

(تنبيه) :

قال القونوي : سر ما تقرر في الحديث أن الزنا في الشباب له فيه نوع عذر؛ فإن الطبيعة تنازعه وتتقضاه؛ وأما الشيخ فشهوته ضعفت؛ وقوته انحطت؛ فإذا كان زانيا فليس ذلك إلا لكونه مفسدا بالطبع؛ فهو مجبول على الفساد؛ فذلك وصف ذاتي له؛ فيستلزم النتائج الرديئة؛ وأما العائل المستكبر؛ فالعائل الفقير والمستكبر الذي يتعانى الكبر؛ وهذا ينقسم - أعني التكبر - إلى قسمين: ذاتي؛ وصفاتي؛ فالتكبر الصفاتي محصور في موجبين: المال؛ والجاه؛ فالتكبر من الناس؛ وإن كان قبيحا شرعا وعقلا؛ لكن لأصحاب الجاه والمال فيه صورة عذر؛ وأما عادمهما إذا تكبر فلا عذر له بوجه؛ فالتكبر إذن صفة ذاتية له؛ فلا جرم ينتج نتيجة رديئة؛ ويأتي نحو ذلك التوجيه في الخلاف.

(طب هب؛ عن سلمان ) ؛ الفارسي ؛ قال الهيثمي - بعدما عزاه للطبراني في الثلاثة -: ورجاله رجال الصحيح.




الخدمات العلمية