الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3751 - "حقيق بالمرء أن يكون له مجالس يخلو فيها ويذكر ذنوبه فيستغفر الله منها" ؛ (هب)؛ عن مسروق ؛ مرسلا .

التالي السابق


(حقيق بالمرء أن يكون له مجالس يخلو فيها) ؛ بنفسه؛ قال الحرالي : أول المسير إلى الله التزام الذكر؛ والخلوة به ؛ وأول ما ابتدأ به النبي أن حبب إليه الخلاء؛ فكان يخلو في غار حراء ؛ ولا تصح جلوة إلا بعد خلوة؛ (ويذكر ذنوبه) ؛ أي: يستحضرها في ذهنه؛ (فيستغفر الله منها) ؛ أي: يطلب الرضا وغفرها؛ أي: سترها؛ فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة؛ عاد أمره إلى الرضا والغبطة؛ ومن ألهته حياته وشغلته أهواؤه؛ عاد أمره إلى الندامة والحسرة؛ ومن ثم قيل: لا يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه ؛ وقيل: النفس كالشريك الخوان؛ إن لم تحاسبه؛ ذهب بمالك؛ وقال الحسن : إنما يخف الحساب غدا على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا.

(تنبيه) :

قال في الفتوحات: إذا لزم المتأهب الخلوة والذكر؛ وفرغ المحل من الفكر؛ وقعد - فقيرا لا شيء له - عند باب ربه؛ منحه الله وأعطاه من العلم به والأسرار الإلهية والمعارف الربانية ما تعجز عنه العقول؛ قيل للجنيد : بم نلت ما نلت؟ قال: بجلوسي تحت تلك الدرجة ثلاثين سنة؛ وقال أبو يزيد : أخذتم علمكم ميتا عن ميت؛ وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت؛ فيحصل لصاحب الهمة في الخلوة مع الله - جلت هيبته وعظمت منته - من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة؛ بل كل صاحب نظر وبرهان ليس له هذه الحالة؛ فإنها وراء النظر العقلي.

(هب؛ عن مسروق ؛ مرسلا) ؛ هو ابن الأجدع الهمداني ؛ أحد الأعلام؛ مات سنة ثلاث وستين.




الخدمات العلمية