الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3933 - "خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا؛ وخلق فرعون في بطن أمه كافرا" ؛ (عد طب)؛ عن ابن مسعود ؛ (ح) .

التالي السابق


( خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا؛ وخلق فرعون في بطن أمه كافرا ) ؛ قال الذهبي : وكذلك جميع من خلقه؛ فليس للرسل أثر في سعادة أحد؛ كما أنه ليس لإبليس أثر في شقاوة أحد؛ لتمييز أهل القبضتين عند الحق؛ قبل بعثة الرسل؛ لا يزيدون؛ ولا ينقصون؛ أهـ؛ ومذهب أهل الحق أن الإيمان لا ينفع عند الغرغرة ؛ ولا عند معاينة عذاب الاستئصال؛ وأخذ علماء الأمة - الذين عليهم المعول - من ذلك إجماعهم على موت فرعون على كفره؛ وأنه لم ينفعه قوله حين أدركه الغرق: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ؛ وأما ما صرح به القاضي عبد الصمد الحنفي ؛ من أهل القرن الخامس؛ أن مذهب الصوفية أن الإيمان ينتفع به؛ ولو كان بعد معاينة العذاب؛ فلا التفات له؛ لمخالفته لما حكى عليه الإجماع؛ وكذا ما جزم به في الفتوحات من صحة الإيمان عند الاضطرار؛ وأن فرعون مؤمن؛ فلا التفات لذلك؛ وإن كنا نعتقد جلالة قائله؛ فإن العصمة ليست إلا للأنبياء ؛ وفيه رد لقول بعض الفرق: إن الكفر والإيمان مكتسبان للعبد؛ غير مخلوقين ؛ ولقول البعض: الكفر مخلوق؛ دون الإيمان.

(تنبيه) :

قال الغزالي : من هنا يأتي الشيطان الإنسان؛ فيقول: لا حاجة لك إلى العمل؛ لأنك إن خلقت سعيدا؛ لم يضرك قلة العمل؛ أو شقيا؛ لم ينفعك فعله؛ فإن عصم الله العبد؛ رده بأن يقول له: إنما أنا عبد الله؛ وعلى العبد امتثال العبودية؛ والرب أعلم بربوبيته؛ يحكم ما يشاء؛ ويفعل ما يريد؛ ولأنه ينفعني العمل كيف كنت؛ لأني إن كنت سعيدا احتجت إليه لزيادة الثواب؛ أو شقيا فكذلك كي لا ألوم نفسي على أن الله لا يعاقبني على الطاعة بكل حال؛ كيف ووعده الحق؟! وقد وعد على الطاعة الثواب.

(عد طب) ؛ وكذا الديلمي ؛ (عن ابن مسعود ) ؛ قال الهيثمي : إسناده جيد؛ انتهى؛ وأورده الذهبي في الميزان؛ في ترجمة محمد بن سليم العبدي ؛ من حديثه؛ عن النسائي وغيره أنه غير قوي؛ وعن آخرين أنه ثقة.




الخدمات العلمية