الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4022 - "خير الصدقة ما أبقت غنى؛ واليد العليا خير من اليد السفلى ؛ وابدأ بمن تعول"؛ (طب)؛ عن ابن عباس ؛ (ح) .

التالي السابق


( خير الصدقة ما أبقت غنى ) ؛ أي: ما بقيت لك بعد إخراجها كفاية لك ولعيالك؛ واستغناء؛ كقوله (تعالى): ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ؛ أو ما أجزلت؛ فأغنيت به المعطى عن المسألة؛ كقول عمر : "إذا أعطيتم فأغنوا" ؛ وأنث الضمير الراجع إلى الموصول في قوله: "ما أبقت"؛ ذهابا إلى معناه؛ لأنه في معنى الصدقة؛ ذكره الزمخشري ؛ واقتصر بعضهم على الثاني؛ فقال: معنى "ما أبقت غنى": ما حصل به للسائل غنى عن سؤال؛ كمن أراد أن يتصدق بألف؛ فلو أعطاه لمائة لم يظهر عليهم الغنى؛ بخلاف إعطائه لواحد؛ ( واليد العليا خير من اليد السفلى؛ وابدأ بمن تعول ) ؛ أراد بالعلو علو الفضائل؛ وكثرة الثواب؛ قال عياض : والعليا: الآخذة؛ والسفلى: المانحة؛ وقال الكرماني : العليا: الآخذة؛ والسفلى: المنفقة؛ لأن عادة الكرماء بسط الكف؛ ليأخذه الفقير منها؛ فيد الآخذ أعلى؛ والمعطي يفيد الفقير الدنيا؛ وهي فانية؛ والفقير يفيده الآخرة؛ وهي خير وأبقى؛ ورد بأن نص حديث البخاري أن العليا هي المنفقة؛ والسفلى هي السائل؛ فهذا نص يرفع تعسف من تأوله لأجل حديث: "إن الصدقة تقع بكف الرحمن" ؛ ولاقتضائه أن العليا يد السائل؛ وهذا جهل؛ فإن المعطي هي يد الله بالعطاء؛ ولهذا قال ابن حجر : الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا المعطية؛ والسفلى السائلة؛ قال: وهو المعتمد؛ وقول الجمهور؛ وفيه وما قبله حث على الإنفاق في وجوه الطاعة؛ وتفضيل الغنى - مع القيام بحقوقه - على الفقر؛ لأن الإعطاء إنما يكون مع الغنى؛ وكراهة السؤال؛ والتنفير عنه؛ حيث لا ضرورة.

(طب؛ عن ابن عباس ) ؛ قال الهيثمي : فيه الحسن بن أبي جعفر الحفري ؛ وفيه كلام؛ أهـ؛ لكن ورد بمعناه في البخاري ؛ ولفظه: "اليد العليا خير من اليد السفلى؛ وابدأ بمن تعول؛ وخير الصدقة عن ظهر غنى" .




الخدمات العلمية