الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4143 - "الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة؛ والعنبة" ؛ (حم م 4)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح) .

التالي السابق


(الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة؛ والعنبة) ؛ بجرهما؛ بدل من "الشجرتين"؛ وبرفعهما؛ خبر مبتدإ محذوف؛ وأراد بالخمر هنا: ما يخامر العقل؛ ويزيله؛ لأن "الخمر"؛ اللغوي - وهي التي من العنب - لا يكون من النخلة؛ والغرض من الحديث بيان حكم الخمر؛ يعني: تحريم الخمر من هاتين؛ لا بيان حقيقتها اللغوية؛ لأنه غير مبعوث لبيانها؛ فتخصيص الجنسين لا يدل على نفي ما عداهما؛ قال الطيبي : وقوله: "من هاتين"؛ بيان لحصولها منهما غالبا؛ وليس للحصر؛ لخلو التركيب عن أدائه؛ وقال ابن العربي : هذا بيان من المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ؛ ولم يكن عندهم مشروب إلا من هذين النوعين؛ وكان عند غيرهم من كل مطعوم؛ فعند قوم من بر؛ وعند آخرين من ذرة؛ وعند آخرين من أرز؛ وغير ذلك؛ فخاطب أولئك بقوله: "إن من الزبيب خمرا؛ وإن من البر لخمرا؛ وإن من الشعير لخمرا..." ؛ إلخ؛ وقال القرطبي : هذا الحديث حجة للجمهور على تسمية ما يعصر من غير العنب بـ "الخمر"؛ إذا أسكر؛ ولا حجة فيه لأبي حنيفة ؛ حيث قصر الحكم بالتحريم على هاتين الشجرتين؛ لأنه جاء في أحاديث أخر ما يقتضي تحريم كل مسكر ؛ وإنما خص هنا الشجرتين بالذكر لأن أكثر الخمر منهما؛ أو أعلى الخمر عند أهلها؛ وهذا نحو قولهم: "المال الإبل"؛ أي: معظمها؛ وأعمها.

(حم م 4) ؛ في الأشربة؛ (عن أبي هريرة ) ؛ ولم يخرجه البخاري ؛ ورواه مسلم أيضا بلفظ: "الخمر من هاتين الشجرتين: الكرمة؛ والنخل" ؛ وفي رواية له: "الكرم؛ والنخل".




الخدمات العلمية