الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4289 - "الدواوين ثلاثة؛ فديوان لا يغفر الله منه شيئا؛ وديوان لا يعبأ الله به شيئا؛ وديوان لا يترك الله منه شيئا ؛ فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئا؛ فالإشراك بالله؛ وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا؛ فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه؛ من صوم يوم تركه؛ أو صلاة تركها؛ فإن الله يغفر ذلك إن شاء؛ ويتجاوز؛ وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا؛ فمظالم العباد بينهم؛ القصاص لا محالة"؛ (حم ك)؛ عن عائشة ؛ (ح) .

التالي السابق


(الدواوين) ؛ جمع "ديوان"؛ بكسر الدال؛ وقد تفتح؛ فارسي معرب؛ قال ابن العربي : هو الدفتر؛ قال في المغرب: "الديوان": الجريدة؛ من "دون الكتب"؛ إذا جمعها؛ لأنها قطعة من القراطيس مجموعة؛ قال الطيبي : والمراد: هنا صحائف الأعمال؛ (ثلاثة؛ فديوان لا يغفر الله منه شيئا؛ وديوان لا يعبأ الله به شيئا) ؛ يقال: "ما عبأت به"؛ إذا لم أبال به؛ وأصله من "العبء"؛ أي: الثقل؛ كأنه قال: ما أرى له وزنا؛ ولا قدرا؛ قال (تعالى): ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ؛ (وديوان لا يترك الله منه شيئا) ؛ بل يعمل فيه بقضية العدل بين أهله؛ (فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئا؛ فالإشراك بالله ) ؛ قال (تعالى): من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ؛ (وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا؛ فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه ؛ من صوم يوم) ؛ مفروض؛ (تركه؛ أو صلاة) ؛ مفروضة؛ (تركها؛ فإن الله يغفر ذلك) ؛ لمن فرط منه؛ (إن شاء) ؛ أن يغفره؛ (ويتجاوز) ؛ عنه؛ فإنه حق كريم؛ وشأن الكريم المسامحة؛ (وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا؛ فمظالم العباد) ؛ بعضهم بعضا ؛ (بينهم؛ القصاص لا محالة) ؛ أي: لا بد أن يطالب بها القصاص من بعضهم لبعض؛ قال الطيبي : إنما قال في القرينة الأولى: "لا يغفر الله"؛ ليدل على أن الشرك لا يغفر أصلا؛ وفي الثالثة: "لا يترك"؛ ليؤذن بأن حق الغير لا يهمل قطعا؛ إما بأن يقتص من خصمه؛ أو يرضيه الله عنه؛ وفي الثانية: "لا يعبأ"؛ ليشعر بأن حقه (تعالى) مبني على المساهلة؛ فيترك كرما وجودا ولطفا.

(حم ك) ؛ في الفتن؛ من حديث صدقة بن أبي موسى ؛ عن أبي عمران الجوني ؛ عن يزيد بن بابنوس ؛ (عن عائشة ) ؛ قال الحاكم : صحيح؛ فرده الذهبي بأن صدقة ضعفوه؛ وابن بابنوس فيه جهالة؛ وقال الهيثمي : في سند أحمد صدقة بن أبي موسى ؛ ضعفه الجمهور؛ وبقية رجاله ثقات.




الخدمات العلمية