الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حنك ) الحاء والنون والكاف أصل واحد ، وهو عضو من الأعضاء ثم يحمل عليه ما يقاربه من طريقة الاشتقاق . فأصل الحنك حنك الإنسان ، أقصى فمه . يقال حنكت الصبي ، إذا مضغت التمر ثم دلكته بحنكه ، فهو محنك ; وحنكته فهو محنوك . ويقال : " هو أشد سوادا من حنك الغراب " وهو منقاره ، وأما حلكه فهو سواده . ويقال احتنك الجراد الأرض ، إذا أتى على نبتها ; وذلك قياس صحيح ، لأنه يأكل فيبلغ حنكه .

                                                          ومن المحمول عليه استئصال الشيء ، وهو احتناكه ، ومنه في كتاب الله تعالى : [ ص: 112 ] لأحتنكن ذريته إلا قليلا . أي أغويهم كلهم ، كما يستأصل الشيء ، إلا قليلا .

                                                          فإن قال قائل : فنحن نقول : حنكته التجارب ، واحتنكته السن احتناكا ، ورجل محتنك ، فمن أي قياس هو ؟ قيل له : هو من الباب ; لأنه التناهي في الأمر والبلوغ إلى غايته ، كما قلنا : احتنك الجراد النبت ، إذا استأصله ، وذلك بلوغ نهايته . فأما القد الذي يجمع عراصيف الرمل ; فهو حنكة . وهذا على التشبه بالحنك ، لأنه منضم متجمع . ويقال حنكت الشيء إذا فهمته . وهو من الباب ، لأنك إذا فهمته فقد بلغت أقصاه . والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية