الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( روح ) الراء والواو والحاء أصل كبير مطرد ، يدل على سعة وفسحة واطراد . وأصل [ ذلك ] كله الريح . وأصل الياء في الريح الواو ، وإنما قلبت ياء لكسرة ما قبلها . فالروح روح الإنسان ، وإنما هو مشتق من الريح ، وكذلك الباب كله . والروح : نسيم الريح . ويقال أراح الإنسان ، إذا تنفس . وهو في شعر امرئ القيس . ويقال أروح الماء وغيره : تغيرت رائحته .

                                                          والروح : جبرئيل عليه السلام . قال الله جل ثناؤه : نزل به الروح الأمين على قلبك . والرواح : العشي; وسمي بذلك لروح الريح ، فإنها [ ص: 455 ] في الأغلب تهب بعد الزوال . وراحوا في ذلك الوقت ، وذلك من لدن زوال الشمس إلى الليل . وأرحنا إبلنا : رددناها ذلك الوقت . فأما قول الأعشى :


                                                          ما تعيف اليوم في الطير الروح من غراب البين أو تيس برح

                                                          فقال قوم : هي المتفرقة . وقال آخرون : هي الرائحة إلى أوكارها . والمراوحة في العملين : أن يعمل هذا مرة و [ هذا ] مرة . والأروح : الذي في صدور قدميه انبساط . يقال روح يروح روحا . وقصعة روحاء : قريبة القعر . ويقال الأروح من الناس : الذي يتباعد صدور قدميه ويتدانى عقباه; وهو بين الروح . ويقال : فلان يراح للمعروف ، إذا أخذته له أريحية . وقد ريح الغدير : أصابته الريح . وأراح القوم : دخلوا في الريح . ويقال للميت إذا قضى : قد أراح . ويقال أراح الرجل ، إذا رجعت إليه نفسه بعد الإعياء . وأروح الصيد ، إذا وجد ريح الإنسي . ويقال : أتانا وما في وجهه رائحة دم . ويقال أرحت على الرجل حقه ، إذا رددته إليه . وأفعل ذلك في سراح ورواح ، أي في سهولة . والمراح : حيث تأوي الماشية بالليل . والدهن المروح : المطيب . وقد تروح الشجر ، وراح يراح ، معناهما أن يتفطر بالورق . قال :


                                                          راح العضاه بهم والعرق مدخول

                                                          [ ص: 456 ] أبو زيد : أروحني الصيد إرواحا ، إذا وجد ريحك . وأروحت من فلان طيبا . وكان الكسائي يقول : " لم يرح رائحة الجنة " من أرحت . ويجوز أن يقال " لم يرح " من راح يراح ، إذا وجد الريح . ويقال خرجوا برياح من العشي وبرواح وإرواح . قال أبو زيد : راحت الإبل تراح ، وأرحتها أنا ، من قوله جل جلاله : حين تريحون . وراح الفرس يراح راحة ، إذا تحصن . والمروحة : الموضع تخترق فيه الريح . قيل : إنه لعمر بن الخطاب وقيل بل تمثل به :


                                                          كأن راكبها غصن بمروحة     إذا تدلت به أو شارب ثمل

                                                          والريح : ذو الروح; يقال يوم ريح : طيب . ويوم راح : ذو ريح شديدة . قالوا : بني على قولهم كبش صاف كثير الصوف . وأما قول أبي كبير :


                                                          وماء وردت على زورة     كمشي السبنتى يراح الشفيفا

                                                          فذلك وجدانه الروح . وسميت الترويحة في شهر [ رمضان ] لاستراحة القوم بعد كل أربع ركعات . والراح : جماعة راحة الكف . قال عبيد :

                                                          [ ص: 457 ]

                                                          دان مسف فويق الأرض هيدبه     يكاد يدفعه من قام بالراح

                                                          الراح : الخمر . قال الأعشى :


                                                          وقد أشرب الراح قد تعلمي     ن يوم المقام ويوم الظعن

                                                          وتقول : نزلت بفلان بلية فارتاح الله جل وعز ، له برحمة فأنقذه منها . قال العجاج :


                                                          فارتاح ربي وأراد رحمتي     ونعمتي أتمها فتمت

                                                          قال : وتفسير ارتاح : نظر إلي ورحمني . وقال الأعشى في الأريحي :


                                                          أريحي صلت يظل له القو     م ركودا قيامهم للهلال

                                                          قال الخليل : يقال لكل شيء واسع أريح ، ومحمل أريح . وقال بعضهم : محمل أروح . ولو كان كذلك لكان ذمه; لأن الروح الانبطاح ، وهو عيب في المحمل . قال الخليل : الأريحي مأخوذ من راح يراح ، كما يقال للصلت أصلتي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية