الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حسب ) الحاء والسين والباء أصول أربعة :

                                                          فالأول : العد . تقول : حسبت الشيء أحسبه حسبا وحسبانا . قال الله تعالى : الشمس والقمر بحسبان . ومن قياس الباب الحسبان الظن ، وذلك أنه فرق بينه وبين العد بتغيير الحركة والتصريف ، والمعنى واحد ، لأنه إذا قال حسبته كذا فكأنه قال : هو في الذي أعده من الأمور الكائنة .

                                                          ومن الباب الحسب الذي يعد من الإنسان . قال أهل اللغة : معناه أن يعد آباء أشرافا .

                                                          [ ص: 60 ] ومن هذا الباب قولهم : احتسب فلان ابنه ، إذا مات كبيرا . وذلك أن يعده في الأشياء المذخورة له عند الله تعالى . والحسبة : احتسابك الأجر . وفلان حسن الحسبة بالأمر ، إذا كان حسن التدبير ; وليس من احتساب الأجر . وهذا أيضا من الباب ; لأنه إذا كان حسن التدبير للأمر كان عالما بعداد كل شيء وموضعه من الرأي والصواب . والقياس كله واحد .

                                                          والأصل الثاني : الكفاية . تقول شيء حساب ، أي كاف . ويقال : أحسبت فلانا ، إذا أعطيته ما يرضيه ; وكذلك حسبته . قالت امرأة :


                                                          ونقفي وليد الحي إن كان جائعا ونحسبه إن كان ليس بجائع

                                                          والأصل الثالث : الحسبان ، وهي جمع حسبانة ، وهي الوسادة الصغيرة . وقد حسبت الرجل أحسبه ، إذا أجلسته عليها ووسدته إياها . ومنه قول القائل :

                                                          غداة ثوى في الرمل غير محسب وقال آخر :

                                                          يا عام لو قدرت عليك رماحنا والراقصات إلى منى فالغبغب للمست بالوكعاء طعنة ثائر حران أو لثويت غير محسب [ ص: 61 ] ومن هذا الأصل الحسبان : سهام صغار يرمى بها عن القسي الفارسية ، الواحدة حسبانة . وإنما فرق بينهما لصغر هذه و [ كبر ] تلك .

                                                          ومنه قولهم أصاب الأرض حسبان ، أي جراد . وفسر قوله تعالى : ويرسل عليها حسبانا من السماء ، بالبرد .

                                                          والأصل الرابع : الأحسب الذي ابيضت جلدته من داء ففسدت شعرته ، كأنه أبرص . قال : يا هند لا تنكحي بوهة عليه عقيقته أحسبا وقد يتفق في أصول الأبواب هذا التفاوت الذي تراه في هذه الأصول الأربعة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية