الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( خضر ) الخاء والضاد والراء أصل واحد مستقيم ، ومحمول عليه . فالخضرة من الألوان معروفة . والخضراء : السماء ، للونها ، كما سميت الأرض الغبراء . وكتيبة خضراء ، إذا كانت عليتها سواد الحديد ، وذلك أن كل ما خالف البياض فهو في حيز السواد ; فلذلك تداخلت هذه الصفات ، فيسمى الأسود أخضر . قال الله تعالى في صفة الجنتين : مدهامتان أي سوداوان . وهذا من الخضرة ; وذلك أن النبات الناعم الريان يرى لشدة خضرته من بعد أسود . ولذلك سمي سواد العراق لكثرة شجره . والخضر : قوم سموا بذلك لسواد ألوانهم . والخضرة في شيات الخيل : الغبرة تخالطها دهمة . فأما قوله :


                                                          وأنا الأخضر من يعرفني أخضر الجلدة في بيت العرب

                                                          فإنه يقول : أنا خالص; لأن ألوان العرب سمرة . فأما الحديث : " إياكم وخضراء الدمن " فإن تلك المرأة الحسناء في منبت سوء ، كأنها شجرة ناضرة في دمنة بعر . والمخاضرة : بيع الثمار قبل بدو صلاحها ; وهو منهي عنه . وأما قولهم : " خضر المزاد " فيقال إنها التي بقيت فيها بقايا ماء فاخضرت من القدم ، ويقال بل خضر المزاد الكروش .

                                                          [ ص: 196 ] ويقال إن الخضار البقل الأول .

                                                          فأما قوله : " ذهب دمه خضرا " ، إذا طل . فأحسبه من الباب . يقول : ذهب دمه طريا كالنبات الأخضر ، الذي إذا قطع لم ينتفع به بعد ذلك وبطل وذبل .

                                                          فأما قولهم إن الخضار اللبن الذي أكثر ماؤه ، فصحيح ، وهو من الباب ; لأنه إذا كان كذا غلب الماء ، والماء يسمى الأسمر . وقد قلنا إنهم يسمون الأسود أخضر ، ولذلك يسمى البحر خضارة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية