الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( خمر ) الخاء والميم والراء أصل واحد يدل على التغطية ، والمخالطة في ستر . فالخمر : الشراب المعروف . قال الخليل : الخمر معروفة; واختمارها : إدراكها وغليانها . ومخمرها : متخذها . وخمرتها : ما غشي المخمور من الخمار والسكر في قلبه . قال :


                                                          لذ أصابت حمياها مقاتله فلم تكد تنجلي عن قلبه الخمر

                                                          [ ص: 216 ] ويقال به خمار شديد . ويقولون : دخل في خمار الناس وخمرهم ، أي زحمتهم . و " فلان يدب لفلان الخمر " ، وذلك كناية عن الاغتيال . وأصله ما وارى الإنسان من شجر . قال أبو ذؤيب :


                                                          فليتهم حذروا جيشهم     عشية هم مثل طير الخمر

                                                          أي يختلون ويستتر لهم . والخمار : خمار المرأة . وامرأة حسنة الخمرة ، أي لبس الخمار . وفي المثل : " العوان لا تعلم الخمرة " . والتخمير : التغطية . ويقال في القوم إذا تواروا في خمر الشجر : قد أخمروا . فأما قولهم : " ما عند فلان خل ولا خمر " فهو يجري مجرى المثل ، كأنهم أرادوا : ليس عنده خير ولا شر . قال أبو زيد : خامر الرجل المكان ، إذا لزمه فلم يبرح . فأما المخمرة من الشاء فهي التي يبيض رأسها من بين جسدها . وهو قياس الباب ; لأن ذلك البياض الذي برأسها مشبه بخمار المرأة . ويقال خمرت العجين ، وهو أن تتركه فلا تستعمله حتى يجود . ويقال خامره الداء ، إذا خالط جوفه . وقال كثير :

                                                          هنيئا مريئا غير داء مخامر     لعزة من أعراضنا ما استحلت

                                                          قال الخليل : والمستخمر بلغة حمير : الشريك . ويقال دخل في الخمر ، وهي وهدة يختفي فيها الذئب ونحوه . قال :


                                                          ألا يا زيد والضحاك سيرا     فقد جاوزتما خمر الطريق

                                                          [ ص: 217 ] ويقال اختمر الطيب ، واختمر العجين . ووجدت منه خمرة طيبة وخمرة ، وهو الرائحة . والمخامرة : المقاربة . وفي المثل : " خامري أم عامر " ، وهي الضبع . وقال الشنفرى :


                                                          فلا تدفنوني إن دفني محرم     عليكم ولكن خامري أم عامر

                                                          أي اتركوني للتي يقال لها : " خامري أم عامر " . والخمرة : شيء من الطيب تطلي به المرأة على وجهها ليحسن به لونها . والخمرة : السجادة الصغيرة . وفي الحديث : " أنه كان يسجد على الخمرة " .

                                                          ومما شذ عن هذا الأصل الاستخمار ، وهو الاستعباد ; يقال استخمرت فلانا ، إذا استعبدته . وهو في حديث معاذ : " من استخمر قوما " ، أي استعبدهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية