الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حل ) الحاء واللام له فروع كثيرة ومسائل ، وأصلها كلها عندي فتح الشيء ، لا يشذ عنه شيء .

                                                          يقال حللت العقدة أحلها حلا . ويقول العرب : " يا عاقد اذكر حلا " . والحلال : ضد الحرام ، وهو من الأصل الذي ذكرناه ، كأنه من حللت الشيء ، إذا أبحته وأوسعته لأمر فيه .

                                                          وحل : نزل . وهو من هذا الباب لأن المسافر يشد ويعقد ، فإذا نزل حل ; يقال حللت بالقوم . وحليل المرأة : بعلها ; وحليلة المرء : زوجه . وسميا بذلك لأن كل واحد منهما يحل عند صاحبه .

                                                          قال أبو عبيد : كل من نازلك وجاورك فهو حليل . قال :


                                                          ولست بأطلس الثوبين يصبي حليلته إذا هدأ النيام

                                                          أراد جارته . ويقال سميت الزوجة حليلة لأن كل واحد منهما يحل إزار الآخر . والحلة معروفة ، وهي لا تكون إلا ثوبين . وممكن أن يحمل على الباب فيقال لما كانا اثنين كانت فيهما فرجة .

                                                          ومن الباب الإحليل ، وهو مخرج البول ، ومخرج اللبن من الضرع .

                                                          ومن الباب تحلحل عن مكانه ، إذا زال . قال :


                                                          ثهلان ذو الهضبات لا يتحلحل

                                                          [ ص: 21 ] والحلاحل : السيد ، وهو من الباب ليس بمنغلق محرم كالبخيل المحكم اليابس . والحلة : الحي النزول من العرب قال الأعشى :


                                                          لقد كان في شيبان لو كنت عالما     قباب وحي حلة وقبائل

                                                          والمحلة : المكان ينزل به القوم . وحي حلال نازلون . وحل الدين وجب . والحل ما جاوز الحرم . ورجل محل من الإحلال ، ومحرم من الإحرام . وحل وحلال بمعنى ; وكذلك في مقابلته حرم وحرام . وفي الحديث : " تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميمونة وهما حلالان " . ورجل محل لا عهد له ، ومحرم ذو عهد . قال :


                                                          جعلن القنان عن يمين وحزنه     وكم بالقنان من محل ومحرم

                                                          وقال قوم : من محل يرى دمي حلالا ، ومحرم يراه حراما .

                                                          والحلان : الجدي يشق له عن بطن أمه . قال :


                                                          يهدي إليه ذراع الجفر تكرمة     إما ذبيحا وإما كان حلانا

                                                          وهو من الباب . وحللت اليمين أحللها تحليلا . وفعلت هذا تحلة القسم ، أي لم أفعل إلا بقدر ما حللت به قسمي أن أفعله ولم أبالغ . ومنه : لا يموت لمؤمن ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم . يقول : بقدر ما يبر الله تعالى قسمه فيه من قوله : وإن منكم إلا واردها ، أي لا يردها إلا بقدر ما يحلل القسم ، [ ص: 22 ] ثم كثر هذا في الكلام حتى قيل لكل شيء لم يبالغ فيه تحليل ; يقال ضربته تحليلا ، ووقعت مناسم هذه الناقة تحليلا ، إذا لم تبالغ في الوقع بالأرض . وهو في قول كعب بن زهير :


                                                          وقعهن الأرض تحليل

                                                          فأما قول امرئ القيس :


                                                          كبكر المقاناة البياض بصفرة     غذاها نمير الماء غير محلل

                                                          ففيه قولان : أحدهما أن يكون أراد الشيء القليل ، وهو نحو ما ذكرناه من التحلة . والقول الآخر : أن يكون غير منزول عليه فيفسد ويكدر .

                                                          ويقال أحلت الشاة ، إذا نزل اللبن في ضرعها من غير نتاج . والحلال : متاع الرحل . قال الأعشى :


                                                          وكأنها لم تلق ستة أشهر     ضرا إذا وضعت إليك حلالها

                                                          كذا رواه القاسم بن معن ، ورواه غيره بالجيم .

                                                          والحلال : مركب من مراكب النساء . قال :


                                                          بعير حلال غادرته مجعفل

                                                          ورأيت في بعض الكتب عن سيبويه : هو حلة الغور ، أي قصده . وأنشد :

                                                          [ ص: 23 ]

                                                          سرى بعدما غار النجوم وبعدما     كأن الثريا حلة الغور منخل

                                                          أي قصده .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية