الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حرف ) الحاء الراء والفاء ثلاثة أصول : حد الشيء ، والعدول ، وتقدير الشيء .

                                                          فأما الحد فحرف كل شيء حده ، كالسيف وغيره . ومنه الحرف ، وهو الوجه . تقول : هو من أمره على حرف واحد ، أي طريقة واحدة . قال الله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف . أي على وجه واحد . وذلك أن العبد يجب عليه طاعة ربه تعالى عند السراء والضراء ، فإذا أطاعه عند السراء وعصاه عند الضراء فقد عبده على حرف . ألا تراه قال تعالى : فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه . ويقال للناقة حرف . قال قوم : هي الضامر ، شبهت بحرف السيف . وقال آخرون : بل هي الضخمة ، شبهت بحرف الجبل ، وهو جانبه . قال أوس :


                                                          حرف أخوها أبوها من مهجنة وعمها خالها قوداء مئشير

                                                          وقال كعب بن زهير :


                                                          حرف أخوها أبوها من مهجنة     وعمها خالها جرداء شمليل

                                                          والأصل الثاني : الانحراف عن الشيء . يقال انحرف عنه ينحرف انحرافا . وحرفته أنا عنه ، أي عدلت به عنه . ولذلك يقال محارف ، وذلك إذا حورف كسبه [ ص: 43 ] فميل به عنه ، وذلك كتحريف الكلام ، وهو عدله عن جهته . قال الله تعالى : يحرفون الكلم عن مواضعه .

                                                          والأصل الثالث : المحراف ، حديدة يقدر بها الجراحات عند العلاج . قال :


                                                          إذا الطبيب بمحرافيه عالجها     زادت على النقر أو تحريكها ضجما

                                                          وزعم ناس أن المحارف من هذا ، كأنه قدر عليه رزقه كما تقدر الجراحة بالمحراف .

                                                          ومن هذا الباب فلان يحرف لعياله ، أي يكسب . وأجود من هذا أن يقال فيه إن الفاء مبدلة من ثاء . وهو من حرث أي كسب وجمع . وربما قالوا أحرف فلان إحرافا ، إذا نما ماله وصلح . وفلان حريف فلان أي معامله . وكل ذلك من حرف واحترف أي كسب . والأصل ما ذكرناه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية